بولا وديع
النوع : نوع المتصفح: : الجنسية : المهنة : الهوايات : تاريخ التسجيل : 02/09/2009 العمر : 38 المشاركات : 3312 معدل تقييم المستوى : 26 بمعدل : 7633 تاريخ الميلاد : 19/01/1986 الكنيسة او الابراشية : : البطل مارجرجس عين شمس
| موضوع: العمق الثقافى والحضارى للاثار الفرعونية 7/1/2013, 10:25 pm | |
| في العام الأول من دراستي الجامعية كان أستاذنا د. شفيق شحاتة يشخط فينا بأعلي صوت في محاضراته عن القانون الخاص, وقد خصصها جميعا للحديث عن القواعد القانونية في الحياة الفرعونية علي امتدادها. والقانون يمتد حتما إلي المجتمع والثقافة والعلوم والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والمعاملات. كان يصرخ فينا الحضارة الفرعونية, ليست مجرد أهرامات وتماثيل وأحجار, هذا كله نتيجة لحضارة متفتحة. وكنا ننبهر وننسي, ونواصل حفظنا لكتابه دون تعمق. وعندما كنت أعد رسالة الدكتوراه في ألمانيا اقتادني أستاذي البروفيسور لوثر راثمان لألتقي برئيس قسم الحضارة المصرية الذي طلب مقابلة الطالب المصري. كان يقظا برغم سنين عديدة تراكمت تجاعيدها علي وجهه. تحدث طويلا عن مصر والمصريين, ثم وفجأة قال غاضبا وكأنه تذكر شيئا.. أنتم المصريون ترتكبون خطأ في حق تاريخكم, ومضي بصوت واهن يحاول أن يرتفع قدر الطاقة أنتم تتصورون أن حضارة الفراعنة هي حضارة حجرية. أكوام من الأحجار والتماثيل, وكأن ذلك كله أتي بالمصادفة. إنه ثمرة لحضارة عريقة تموج بالعلم والثقافة والعلاقات الاجتماعية المتحضرة.. لكنكم تكتفون بالتباهي بالأهرام والتماثيل ولا تمعنون النظر في المجتمع الذي أثمر ذلك. ساعتها تذكرت أستاذي الجليل د. شفيق شحاتة, ثم تاه الأمر في دوامة التفاصيل المملة. وفيما أقلب في مكتبتي وجدت مجموعة من كتب كنت قد جمعتها منذ سنوات لدراسة هذا الموضوع, ثم تناسيتها فنسيتها, وعبر هذه الكتب عشت في بحر من الانبهار. فهذه الحضارة الحجرية أنطقتها حياة متقدمة وتقدمية, تقاليد غنية وعاقلة, وإعمال للعقل واحترام للعلم واحترام للمرأة وحياة ليبرالية في مجملها. ليبرالية ربما في كثير من نواحيها أكثر مما نعتقد بل وأكثر مما نعيش نحن. في كتاب د. سيد كريم ـ لغز الحضارة المصرية نجد قائمة بالأسئلة التي يواجهها المتوفي أمام محكمة الآخرة نطالع منها: .. هل حافظت علي حسن سمعتك؟ هل امتدت يدك إلي سرقة ما ليس لك؟ هل تغلب عليك غضبك فصرت أسيرا له؟ هل أهملت محراثك وأرضك وقت الزرع؟ هل رأيت خيالك وقد بدا كبيرا علي الجدار فأخذك الغرور وظننت نفسك كبيرا وقويا مثل خيالك؟ هل تعاملت في الأسواق بالعدل والأمانة؟ هل تجنبت طريق الصواب عندما وجدته محفوفا بالمخاطر؟ هل صنت لسانك عن شهادة الزور؟ هل أخذك الغرور بذكائك فعميت عن الحكمة؟ هل رويت بحكمتك عطش المتعطشين إلي الصدق؟ هل استخدمت قوتك في سبيل النور وليس الظلام, والوقوف إلي جانب الحق والعدل؟ هل تسببت في تقييد حرية أحد أو سلبتها منه؟. هذه المنظومة الأخلاقية والفكرية تضع أمام المصري القديم نمطا من الحياة العقلية والعلمية ربما يمكن تفهمها بعمق من خلال التعرف علي تعلق المصريين في ذلك الزمان بالعلم والكتابة. فالكتابة عندهم كانت معيارا أساسيا لاحترام الإنسان, وتقدم الحياة الفرعونية نسقا من الحياة يتعين علي الإنسان أن يلتزم به ليكتسب الحكمة ويحظي برضاء الآلهة واحترام الناس. ففي كتابه الحكم والأمثال والنصائح عند قدماء المصريين يورد د. محرم كمال منظومة متكاملة لهذه القيم التي عاش المصري القديم محاولا الالتزام بها: لا تمنع أناسا من عبور النهر إذا كان في قاربك مكان. خذ الأجر من الرجل الغني ورحب بمن لا يملك شيئا, ويضيف نصا من دفاع الميت عن نفسه عند حسابه أمام قضاة الآخرة: لقد عشت بالعدل ونشرت الإصلاح في كل اتجاه, حتي حمد الناس سيرتي. فكم أطعمت الجياع, وسقيت العطشي, وكسوت العراة, وآويت الأغراب, وأوقفت سفني لتنقل المارة, وكنت أبا لأيتام وعينا للأعمي وأذنا للأصم, وعصا للشيخ. إن قلبي نقي ويداي طاهرتان. لكن نصا آخر يورد كل ما سبق ثم يضيف إليه فقرة بالغة الروعة كنت أتكلم بالخير ولقد جمعت مالي بالطرق المشروعة والعادلة. وفي الكتاب الرائع فجر الضمير ـ لبريستد نقرأ نقشا علي باب مقبرة أميني: لم أطرد فلاحا من أرضه, ولم أمنع راعيا من الرعي, ولا يوجد بائس في عشيرتي, ولا جائع قط حتي في زمن المجاعة. لقد أعطيت الأرملة نصيبا مثل الرجل, ولم أرفع الرجل العظيم فوق الرجل الفقير, وفوق محاجر المرمر في حنتوب نقرأ عبارات تتحدث عن مسئول يقول عن نفسه إنه أنقذ الأرملة, وواسي المتألم, وأطعم الجائع وخاصة الطفل, ووزع الطعام علي كل سكان مقاطعته في زمن الجدب ووزع الطعام بسخاء وبلا تمييز فكان كبار القوم ينالون مثل ما يناله الفقراء. وكان النظام العام يفرض علي المصري القديم حماية أي شخص يتعرض للأذي, فإن لم يستطع فإن عليه إبلاغ المسئولين ويتحدث ديودور الصقلي عن هذا القانون قائلا: إذا رأي أحد في أثناء تجواله رجلا يقتل أو يعاني أذي دون أن ينقذه وكان قادرا علي ذلك استحق عقوبة الموت. فإن لم يكن قادرا تحتم عليه أن يبلغ عن اللصوص ويقتفي أثر المجرم. ومن يتهاون في ذلك يجلد عددا معينا من الجلدات ويحرم من الطعام ثلاثة أيام. إنه نسق متكامل من قواعد اجتماعية وحياة ثقافية راقية ومتحضرة. ويبقي أن أشير إلي فهم غاية في الرقي للكتابة ومطالعة الكتب. لقد أشرنا من قبل إلي احترام المصري مهنة الكتابة ونشير إلي المزيد الكتابة أجمل من أي مهنة أخري. إنها ألذ من الخبز والعجة والنبات والعطور إنها أثمن من أي ميراث وأثمن من أية مقبرة في الغرب. ولكن ولنتوقف هنا وباهتمام مثير للدهشة فليس المطلوب أية كتابة ولا أي علم ولا أية معرفة وإنما تعلم كيف تحرك القلم بأصابعك, وكيف يحرك عقلك أصابعك فلا يخط قلمك إلا الحكمة والمعرفة وما ينفع الناس. هذه العبارة الرائعة تضاف إليها عبارة أجمل حذار أن تكون أسيرا للكتب وحدها تطلع إلي السماء وإلي الحقول وإلي الناس وتعلم. وبمثل هذه المعارف يمكننا أن نتخلص من قيد الحضارة الحجرية.. فما كان للأحجار أن تنطق بمثل هذه البراعة والخلود, إلا في ظل قيم وأخلاقيات وثقافة متحررة ومتقدمة.. منقول | |
|
AL MALEKA HELANA
النوع : نوع المتصفح: : الجنسية : المهنة : الهوايات : تاريخ التسجيل : 09/10/2012 المشاركات : 152 معدل تقييم المستوى : 0 بمعدل : 174
| موضوع: رد: العمق الثقافى والحضارى للاثار الفرعونية 8/1/2013, 2:56 pm | |
| | |
|
M A R I A M
النوع : نوع المتصفح: : الجنسية : المهنة : الهوايات : تاريخ التسجيل : 09/10/2012 المشاركات : 324 معدل تقييم المستوى : -1 بمعدل : 423
| موضوع: رد: العمق الثقافى والحضارى للاثار الفرعونية 17/2/2013, 12:35 am | |
| | |
|