عازر لم يحتمل السكنى بين الناس
أولئك الذين أشرقت عليهم بشعاع حبك يارب لم يحتملوا السكنى بين الناس الشيخ الروحانى
أشتاق إلى درجة الملائكة الخادمة
وكان إشتياق عازر يوسف منذ نعومة أظفارة متجه إلى حياة الرهبنة المكرسة للرب , فكتب عن مشاعرة قائلاً : " .. من صغر سنى كنت أميل إلى الهدوء والجدة , ولبس الملابس السوداء , ولما بلغت سر الرشد :نت أسمع كثيراً عن الأديرة والرهبان , فكان يلتهب قلبى ناراً , وأشتاق للذهاب إلى الدير .. " راجع كتاب : حنا يوسف عطا - القس رافائيل آفا مينا - مذكراتى عن حياة البابا كيرلس السادس , وأيضاً فى كتاب : 25 عاماً على نياحته - قراءة فى حياة أبونا مينا البراموسى المتوحد - أمير نصر ص 40
ملأتم الهوا كلاماً
وفى وسط العالم ترجم مشاعرة لتصبح حياة يعيشها فلجأ إلى الوحدة والإنفراد والعبادة والنسك , خمس سنوات كامله عمل فيها فى شركات الملاحة للسياحة بالإسكندرية (كوك شيبينج) سنة 1921م درب نفسه على حياة التعبد والنسك . فى هذه السنوات الخمس كان مشهوداً له بالأمانة والإخلاص فى عمله ، وبالرغم من مشغوليته فى عمله إلا أن عمله لم يفصله عن علاقته بالرب يسوع , فكان يقضى الليل ساهراً فى الصلاة والتأمل , وأخذ يدرب نفسه على الصمت والتأمل الروحى , فكان كثيراً ما يقول لأقاربه واخوته عندما يكثرون فى الكلام والمزاح : " ملأتم الهوا كلام ! " وحتى بعد أن اصبح بابا الأسكندرية قال مرة لأحد رجال الكهنوت : " هديت الكنيسة بكتر الكلام "
وعند قرائته للكتب المقدسة والطقسية والتفاسير والقوانين الكنسية ودراستها كان يرجع إلى إرشاد بعض الكهنة العارفين بتفسير المعانى الروحية أما سير القديسين فقد ألهبت نار قلبه .
وكان يجاهد في حياة نسكية كاملة فعاش زاهداً في بيته وبالرغم من هذه الحياة الفريدة فلم يلاحظ عليه أى أحد شيئاً مختلفاً وفى هذه المرحلة نفذ الوصايا فى الخفاء كما قال رب المجد يسوع . فكان ينام على الأرض بجوار فراشه ، ويترك طعامه مكتفياً بكسرة صغيرة وقليل من الملح .
عازر يترك العالم وينعزل
وإشتاق عازر لخدمة الكنيسة متشبهاً بجيش شهدائنا الأقباط وآباء كنيستنا حماة الإيمان الذين أرسوا مبادئ الإيمان المسيحى للعالم أجمع ، فكان عليه أن يسير فى طريقهم المبني على دراستهم العميقة في الكتاب المقدس . فكان عازر مفلحاً في جميع طرقه لأن الرب كان معه لأنه بقدر ما كان ينموا فى سلم الفضيلة وينجح روحياً كان ينجح عملياً .
وأخيراً فاضت محبته للرب يسوع وأشتاق للأنطلاق من الحياه الجزئية إلى الحياة المكرسة الكاملة للرب يسوع ولسان حاله يقول هوذا حياتى يارب كلها لك لأن نفسى اشتاقت لعشرتك الإلهية الدائمة , وهكذا أراد أن ينطلق ويبعد عن العالم قائلاً فى نفسه معك يارب لا أريد شيئاً
وفوجئ حنا شقيقة الكبير يوماً بمكالمة تليفونية ذات صباح تستدعيه لمقابلة مدير عام كوكس , وعندما ذهب وكان يتسائل عن سبب إستدعائه زهل من المفاجأة إذ أراه المدير الإستقالة التى قدمها عازر له وكتب فيها : " بما أن لدى أعمالاً هامة لا يسعنى أن أتخلى عنها لذلك أقدم إستقالتى من العمل وأرجوا أن يتم قبولها حتى نهاية شهر يونيو سنة 1927 م "
. وبالرغم من مقاومة أخيه الأكبر وأسرته وأقاربه ورفضهم ذهابه إلى الدير للرهبنة فإلتجأ إلى الرب يسوع فى صلاة حارة لكى يعطيه نعمة فى عيونهم وكتب يقول : " .. عرضت الفكرة على والدى وأخوتى ففى أبتداء الأمر وجدت مقاومة شديدة ورفضاً كلياً منهم , فلم يثنى عزمى , بل داومت الصلاة إلى الرب متضرعاً إليه تعالى أن يعطف قلوبهم , وأن يسمحوا لى بالذهاب إلى الدير فسمع الرب صوت تضرعى وأستجاب إلى طلبتى , وفعلاً سمح لى والدى بالذهاب " القس رفائيل أفا مينا - ينبوع تعزية
وذهب إلى الأنبا يؤنس مطران البحيرة والمسئول عن دير البراموس طالباً الرهبنة ولكنه طلب مقابلة أخيه الأكبر ووالده فعاد حزيناً إلى بيته , وأخيراً نصحة والده أن يذهب إلى اب أعترافه القس يوحنا جرجس الكبير لأخذ مشورته بعد التقدم للأسرار المقدسة ثم يصنع ما ترتاح نفسه , وبعد القداس أوصى أبونا يوحنا والد عازر أن يوفق على تحقيق أمنية أبنه عازر وقال : " إننى أرى أنه رسم لنفسه طريقاً مستقيماً لأن الرب هو الذى دعاه للرهبنة "
قصد الأنبا يؤنس البطريرك الـ113 وبرفقته والده وشقيقه الأستاذ حنا وحاول نيافة الأنبا يؤنس صعوبة طريق الرهبنة وتجاربها المتنوعة ولكنه كان مصراً إصراراً عجيباً وطلب قبوله في سلك الرهبنة في دير البراموس بوادي النطرون فأجابه عازر عندما طلب الرهبنه : " هذه كلها رسمتها أمامى , ولى الان خمس سنوات أمارس طريق الرهبنة بكل حرص وأنا فى بيت أبى " وبارك الأنبا يؤنس إختياره ووعد بترتيب الأمر وقال الأنبا يؤنس : " سأهئ لك سبيل الرهبنة " ، وقبلت استقاله عازر من العمل في يوليو سنة 1927م (وكانت أستقالته صدمة لصاحب الشركة وحاول استبقاءه برفع مرتبه إغراء وتقديراً منه لأن عمله كان أميناً . ولكن عازر وضع يده على المحراث ولم يحاول أن ينظر إلى الوراء )
وأنتظر بكل رجاء موعد الرحيل إلى الدير حتى أستدعاه الأنبا يؤنس وحدد موعد السفرإلى دير البراموس فى 27 / 7 / 1927 م وأرسله برفقة الأب القس بشارة البراموسى ( نيافة الأنبا مرقس مطران أبو تيج وطهطا فيما بعد ) وكان القس بشارة يحمل خطاب توصية من الأنبا يؤنس لأمين الدير القمص شنودة البراموسى ليقبل عازر كطالب رهبنة فى الدير .
ذهب إلى الرهبنة حاملاً قفة فطير
وفى 5 أبيب سنة 1643 ش الموافق 12 يوليو 1927م وكان يوم عيد الرسل بكر عازر إلى الكنيسة حاملاً على كتفه قفة مملوءه فطير كانت أمه قد صنعته لتوزيعه على الفقراء والرهبان , وقد اصر هو على أن يحمل الفطير بنفسه وأمام معارضة عائلته قال : " ألم يحمل رسل السيد المسيح القفاف المملوءة كسراً المتبقية من الخمس خبزات والسمكتين ؟؟ "ولما وصل إلى الكنيسة وزع الفطير بيده معلنا أبتهاجه لقبوله فى الرهبنة .
فاصطحبه القس بشارة البراموسى ( اصبح أنبا مرقس مطران طهطا وطما وأبو تيج ) إلى الدير وعند وصولهم فوجئوا بإضاءة الأنوار ودق الأجراس وفتح قصر الضيافة وخروج الرهبان وعلى رأسهم القمص شنوده البرموسى أمين الدير لاستقباله ظناً منهم أنه زائر كبير، وعندما تحققوا الأمر قبلوه في سلك الرهبنة فوراً مستبشرين بمقدمه، إذ لم يسبق أن قوبل راهب في تاريخ الدير بمثل هذه الحفاوة. واعتبرت هذه الحادثة نبوة لتقدمه في سلك الرهبنة وتبوئه مركزاً سامياً في الكنيسة.
وقرأ أمين الدير مضمون الرسالة المرسلة من المطران أخذ عازر إلى القلاية التى سيقيم فيها فقام على الفور بتنظيفها وترتيبها وفرشها بورق سميك كان قد احضره معه , وإرتدى جلبابا أسود وطاقية سوداء .عازر يصبح راهباً بأسم مينا البراموسىويقول عازر (أبونا مينا البراموسى) : " ... وكان يوم تركت العالم من أسعد أيام حياتى , فتوجهت إلى دير البراموس الكائن ببرية شهيت , ووصلنا إلى بلدة الهوارية الساعة العاشرة مساء , ومنها وصلنا إلى الدير الساعة الثانية بعد منتصف الليل , فدخلت الدير وكأنه الفردوس والآباء الرهبان شبه الملائكة , فإسترحت قليلاً إلى ان دق الناقوس للصلاة ,فذهبت للكنيسة وحضرت القداس وأخذنا نعمة فوق نعمة , وقضيت مدة الإختبار وكانت حوالى تسعة أشهر , وبعدها أراد الرب ان ألبس شكل الرهبنة , فأجمع الاباء الرهبان على تزكيتى فوافق الرئيس على ذلك , ورسمت راهباً بالكنيسة القديمة التى بها اجساد القديسين , وكان الرهبان إختلفوا على الأسم , وأخيراً أتفقوا أن الإسم الذى بسنكسار اليوم هو الذى يكون أراد به الرب , وفعلاً كان تذكار نياحة الراهب مينا , فدعيت بهذا الأسم المبارك الذى للشهيد مينا العجائبى ... " 25 عاماً على نياحته قرائة فى حياة - أبونا مينا البراموسى المتوحد - أمير نصر - مارس 1996 - مكتب النسر للطباعة ص 42 .. وراجع أيضاً حنا يوسف عطا - القس رافائيل آفا مينا - مذكراتى عن حياة البابا كيرلس السادس
عازر ينتظر السيل الإلهى
وما لم يحكية أنه تتلمذ للأبوين الروحيين القمص عبد المسيح صليب المسعودى البراموسى والقمص يعقوب الصامت. أولئك الذين كان شيوخ الدير القديسين في ذلك الوقت، وعكف على حياة الصلاة والنسك فهذا كل ما تمناه كل حياته حياة التعبد للرب .
وكان عازر درب نفسه على الصلاة يحضر إلى الكنيسة فى الصلوات الجماعية ثم يعود إلى قلايته مباشرة فى سكون وصمت , وبعد قضاءه عدة ايام فى فى الدير ذهب لزيارته فى القلاية خمسة من شيوخ الرهبان أحدهم القمص عبد المسيح المسعودى الكبير , وسعدوا باستقباله لهم ونظامه فى قلايته وتحمسه فى طريق الرهبنة وحينئذ قال القمص عبد المسيح لباقى الشيوخ : " اصله حارت ومستنى السيل " أى أنه حرث ارضه وبذر الكلمة وأعد نفسه منتظراً لسيل النعمة , وحين هم الآباء الشيوخ الخمسة أحتضنه القمص عبد المسيح وقال له : " من هذه الساعة وهبك لى الرب لتكون إبناً مباركاً " والواقع أن تلمذه عازر لشيخ الرهبان القمص عبد المسيح كان بركه عظمى منحها الرب للشاب الذى تطلع إلى طريق الرهبنه (باب السماء) منذ صباه .
وفي كنيسة العذراء القديمة في الدير سيم راهباً . فكان ساجداً أمام الهيكل وعن يمينه جسد الأنبا موسى الأسود وعن يساره جسد القديس إيسيذوروس ودعى "بالراهب مينا" وذلك في 17 أمشير سنة 1644ش الموافق 25 فبراير سنة 1928م وسمع هذا الدعاء من فم معلمه القمص يعقوب الصامت قائلاً " سر على بركة الله بهذه الروح الوديع الهادئ وهذا التواضع والانسحاق، وسيقيمك الله أميناً على أسراره المقدسة. وروحه القدوس يرشدك ويعلمك".. " ليباركك الرب يا ابنى وليؤهلك لنعمته , وليفض عليك من روحه القدوس فيجعلك أميناً إلى النفس الأخير " .
فازداد شوقا في دراسة كتب الآباء وسير الشهداء والقديسين ، وأكثر ما كان يحب أن يقرأ هو كتابات مار اسحق السريانى . فاتخذ كثيراً من كتاباته شعارات لنفسه مثل : "ازهد في الدنيا يحبك الله" و .. "ومن عدا وراء الكرامة هربت منه، ومن هرب منها تبعته وأرشدت عليه" وكانت كتاباته الثر الكبير فى تكوين رحانيته النسكية وتشكيل فكره وصياغة طريقه ونمو وجدانه الروحى وعواطفه تجاه الإرتباط بالرب يسوع , فكان هذا النوع من التلمذة لقديس مثل مار أسحق هو السلم الذى نمت عليه فضائلة .
وكتب أبونا البراموسى يصف فترة حياته فى الرهبنه فقال : " .. فأخذت من هذا اليوم اتعلم قوانين الرهبنة من ألاباء , وكنت أدرس فى كتب القديسين ولا سيما كتاب القديس العظيم مار أسحق السريانى , فكنت أشعر بنعمة الرب تزداد على يوماً بعد يوم .. فمكثت أشعر بنعمة الرب نحو أربعة سنوات , كنت مطيعاً للجميع لآخذ بركتهم , وكنت أشتاق لخدمة الشيوخ كثيراً , فمكثت فى خدمة الراهب الشيخ عبد المسيح المسعودى العلامة مدة سنة , وتعلمت التسبحة قبطى على يد جناب القمص باخوم وهو اب أعترافى , وخدمت القمص أنطونيوس مدة سنة .. " 25عاماً على نياحته قرائة فى حياة - أبونا مينا البراموسى المتوحد - أمير نصر - مارس 1996 - مكتب النسر للطباعة ص 44 .. وراجع أيضاً حنا يوسف عطا - القس رافائيل آفا مينا - مذكراتى عن حياة البابا كيرلس السادس
وبدأ يعيش الحياة التى كان مشتاقاً ليعيشها فقام بخدمة الشيوخ من الرهبان الغير قادرين على الحركة , وأعتنى بالمكتبة وكان شغوفاً بالقديس مار أسحق السريانى وشغل نفسه بنسخ كتبه فى خمسة مجلدات وقام بتغليفها بغلاف انيق وذلك بتوجيهات القمص باخوم ,
الراهب مينا البراموسى يصبح قساً
وحدث ان حضر للدير نيافة الأنبا ديمتريوس مطران المنوفية (1930م - 1950م) لزيارة الدير , فزكاه جميع الآباء لنوال نعمة الكهنوت لما رأوا محبته وخدمته وطاعته كما أدركوا إمتلاءه بالنعمة أمامهم يوماً بعد يوم , وفى يوم الأحد 18 / 7/ 1931م الموافق 11 أبيب سنة 1647 ش وأثناء صلوات القداس الألهى وضع نيافة الأنبا ديمتريوس عليه اليد ودعاه قساً , أما الراهب مينا فكانت دموعه تزرف طوال القداس .. ودقت أجراس الدير إبتهاجاً بهذه السيامة المباركة , هكذا أهله الرب يسوع أن يقف أمامه على مذبحه المقدس لأول مرة في كنيسة أولاد الملوك "مكسيموس ودوماديوس" بالدير، كل ذلك قبل أن يتم ثلاث سنوات في الدير . فكان قلبه الملتهب حباً للرب يزداد التهابا يوماً بعد يوم . لا سيما بعد رسامته كاهنا وحمله الأسرار الإلهية بين يديه..
ميناء الخلاص
فى ديسمبر 1929م قام أبونا مينا بأعداد مجلة دينية أطلق عليها اسم "ميناء الخلاص" لأطلاع الرهبان على الروحانيات وكانت لها فائدة كبيرة لهم , وقد أعد هذه المجلة بتشجيع القمص عبد المسيح المسعودى أبيه الروحى , ولما لم تكن هناك امكانيات لطبعها فقد كان يقوم بنسخها بخط يده عدة مرات حيث كانت توزع على الرهبان فى الدير .. وقد كتب بخط يده الهدف من أصدار هذه المجلة فقال : " لما كان الغرض الوحيد من صدور هذه المجلة هو بالنسبة لكثرة تكرار قراءة أقوال الآباء القديسين , وما تحويه من فوائد التى تعود على النفوس بالتعزية الكاملة , ورايت نفسى ترتوى من تلك التعليم المقدس , فكرت ألا أبخل على أخوتى الذين هم فى أحتياج عظيم لمثل هذا التعليم المقدس .
فطلبت من السيد المسيح مصدر البركات مواهب الخيرات أن يعطينى عونا , ومساعدة لكى يمكن أن أوصل من هذا الماء الحى الذى يروى ظمأ القلوب إلى نفوس أخوتى لكى ترتوى نفوسهم ىمن تلك التعاليم النافعة لحياتهم الروحية , فسمع صوت تضرعى ويهئ لى هذا الطريق الذى لم يكن يخطر على بالى وهو أن أقوم بنشر هذه المجلة وليس لى فضل فى ذلك , لأن الفضل عائد على من نطقوا بهذه الأقوال المقدسة التى هى بإرشاد من الرب وتعليم الروح القدس الساكن فيهم " وكان يكتب لكل راهب نسخة من ميناء الخلاص وأستمر يوزعها طوال السنوات الخمس التى قضاها فى الدير . أبناء البابا كيرلس السادس - كتاب مدرسة الفضائل
وكانت عبارة ميناء الخلاص هى عنوان خدمته فى السنوات التالية , فقد نقل إختباراته وتعاليمة وإرشاداته ورسائلة عبر جسر الميناء الذى يخلص الجميع حتى يصل شعب الرب إلى أرض الميعاد الذى هو الملكوت الذى اعده المسيح لأحباؤه المنتصرين .
وفى سنة 1947م أنشأ معهد ميناء الخلاص وذلك عندما بنى كنيسة مار مينا بمصر القديمة وشمل الآتى : -
1- مدرسة المعلمين الأولية القبطية لتعليم الأطفال .
2- الدراسات الدينية فى الطقوس والعقيدة وشرح الكتاب المقدس .
3- اعداد نشرات ودراسات دينية بالمراسلة .
4- انشاء مكتبة عامة للأطلاع .
وكان يفكر فى مشروع للتدريب المهنى وحدثت ظروف جعلته يؤجل تنفيذ هذا المشروع إلى عام 1962م حتى أسس أسقفية الخدمات العامة التى تولت إقامة هذه المشاريع فى القاهرة .
وفى 13 ديسمبر عام 1969م أى بعد 40 سنة من صدور العدد الأول من ميناء الخلاص أقام البابا كيرلس السادس صلاة تبريك أرض فى الأنبا رويس لأقامة مبنى مطبعة ميناء الخلاص خلف معهد الدراسات والكلية ألأكليريكية (حالياً مطبعة الأنبارويس) - وقد حضر هذه الصلاة أصحاب النيافة :-
الأنبا شنودة أسقف التعليم (حالياً البابا شنودة) - المتنيح الأنبا صموئيل أسقف الخدمات - المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف - المتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمى - إلى جانب وكيل عام البطريركية - مدير الديوان البطريركى - لفيف من الآباء والكهنة - أعضاء هيئة الأوقاف القبطية - كما حضر الصلاة حشد كبير من الشعب القبطى .
وقام بعض الأحبار الحاضرين وغيرهم بألقاء بعض الكلمات .
وقال الأنبا شنودة أسقف التعليم : " أن البابا كيرلس الرابع أبو الإصلاح إستقبل المطبعة ألولى بالألحان والتراتيل واليوم يستقبل قداسة البابا فريق شماسة الكاتدرائية وخورس الكلية الإكليريكية بالألحان عند قدومة لإقامة صلاة تبريك فى المكان المخصص لبناء المطبعة "
وقد ذكرت مجلة مدارس الأحد أن ألات الطباعة والتجليد قد أهديت من أتحاد الكنائس الإنجيلية فى ألمانيا إلى المعاهد الدينية بالكنيسة القبطية . مجلة مدارس الأحد - العدد 1و 2 يناير وفبراير 1970 م
أبونا مينا البراموسى فى مدرسة الرهبان اللاهوتية
كلف أبونا مينا البراموسى لكى يدرس فى المدرسة اللاهوتية التى أسسها البابا يؤنس التاسع عشر (4) واطاع بفرح بالرغم من حبه لحياة الوحدة ومكث بهذه المدرسة لمدة سنتين وتفوق فى دراسته لمحبته للعلم والدراسة الدينية , وأرتبط بصداقة القمص كيرلس الأنبا بولا ( الأنبا كيرلس مطران البلينا ) وكذلك القمص الأنطونى ( الأنبا أبرآم أسقف الجيزة والقليوبية وقويسنا) وأتفقا على تأدية صلاة العشية كل مساء والقداس الإلهى كل صباح باكراً ,
هدم بيت القربان
وبعد فترة من الزمن فوجئا ببيت القربان متهدماً , ولكن من نعمه الرب يسوع أنه كان فى مواجهه بيت الرهبان مخبز أفرنجى فأخذ القس مينا القربان إليه ورحب صاحب المخبز به , ورفع الصديقان الأمر إلى القمص ميخائيل مينا مدير الكلية , فعقد مجمعاً للتشاور فى هذا الأمر , وإتفقا على إقامة صلوات العشية والقداس الإلهى يومياً بالتناوب بين كل الكهنة والرهبان .. وكانت هذه الفترة وهذه المشكلة فرصة للتدريب على إقامة شعائر الصلوات المقدسة وأخذ كل راهب يحضر العظات وكان هدم بيت القربان بركة لكل من اقيم أسقفاً من الرهبان فيما بعد .
وترك ابونا مينا البراموسى المدرسة هارباً وذهب إلى دير القديس شنودة رئيس المتوحدين بسوهاج عندما علم أن البابا يرشحة ليكون أسقفاً على الغربية والبحيرة , وكان هناك سبباً آخر هو حبه لحياة الوحدة .
ولكن البابا يؤنس رفض السماح له بالبقاء فى دير الأنبا شنودة فذهب إلى القاهرة وقابل قداسة البابا الذى عرض عليه أما أن يستمر فى دراسته فى المدرسة أو يرجع إلى ديرة ففضل الرجوع إلى دير البراموس القس رفائيل أفامينا : ينبوع تعزية
إشتياق أبونا مينا لحياة الوحدة والإتحاد والتوحد مع الرب يسوع
قال أبونا مينا البراموسى عن هذه الفترة من حياته : " فكنت أشتاق بل وأتوق أن أسلك طريق الوحدة , , هذا الطريق الذى كثيراً ما تكلم عنها الآباء , لا سيما القديس مار أسحق الذى يأمر كل راهب بقوله : يجب على كل راهب ترك العالم , وجاء إلى الرهبنة , لا ينبغى أن يمكث بالمجتمع كثيراً , بل بعد أن يتعلم طقس الرهبنة وقوانينها , ينفرد بقلاية وحدة حتى يأخذ تجربة الحروب , وكما فعل السيد المسيح له المجد الذى كثيراً ما إنفرد فى الجبال والبرارى وتجرب من ابليس .. " 25عاماً على نياحته قرائة فى حياة - أبونا مينا البراموسى المتوحد - أمير نصر - مارس 1996 - مكتب النسر للطباعة ص 46 .. وراجع أيضاً حنا يوسف عطا - القس رافائيل آفا مينا - مذكراتى عن حياة البابا كيرلس السادس
اشتاقت نفسه إلى الانفراد في البرية والتوحد فيها وعندما أشتاقت نفسه للوحدة إشتياقاً شديداً صلى إلى الرب يسوع وسجل هذه الخواطر فى كتاباته وقال : " هذه الفكرة , أى فكرة السكن فى مغارة , بقيت عندى من كام سنة , من ثلاثين سنة تقريباً ... عندما كانت تخطر بفكرى هذه المسألة كان قلبى يفزع وجسمى يقشعر من الخوف , صارت تتردد كثيراً وكثيراً جداً هذه الأفكار , كنت عند ورودها أكون فى ضيق وكآبة لا تقدر لكونى لا أجسر على القدوم على عمل مثل هذا ... هل تعرف سبب إقامة القداديس الكثيرة سببها هذه الفكرة ,, سأقيم بالدير مبتهلاً متضرعاً إلى السيد المسيح أن ينظر إلى بعين رحمته ويهيئ الطريق أمامى , وبعد أخذ آراء الآباء , وإقامة القداديس بالدير .. " . القس رفائيل أفا مينا - ينبوع تعزية
فقصد مغارة القمص صرابامون (1925 - 1930 م) المتوحد الذي عاصره
مدة وجيزة متتلمذاً على يديه ، وكانت هذه المغارة تبعد عن الدير مسافة ساعة ولكنه وجد معارضة شديده من آباء الدير نظراً لصغر سنه فى الرهبنة فلم يقضى غير 5 سنوات فقط فى رهبانيته , ولكن كان أبيه الروحى عبد المسيح المسعودى يؤيده ويرشده ويشجعه نحو طريق التوحد وبعد مناقشة قصيرة أعلن خمسة من شيوخ آباء الرهبنه فى الدير موفقتهم وقالوا : " فلتكن مشيئة الرب وعنايته , وليستمر القس مينا تحت رعاية أبيه الروحى " فتهلل قلب أبونا مينا وهتف قائلاً : " فليكن اسم الرب مباركاً " وأدى مطانية للآباء. ثم توجه إلى الأنبا يؤنس البطريرك وطلب منه السماح له بالتوحد فوافق البابا لمعرفته أشتياق أبونا مينا البراموسى للوحده فى الصورة المقابلة المغارة التى سكنها أبونا مينا البراموسى
الليلة الأولى فى حياة الوحدة والإنفراد
كتب ابونا مينا يصف موافقة البابا والليلة الأولى فى حياة الوحدة وإختباراته فقال : " عاودنى الشوق لطريق الوحدة فلا أرى بداً من تنفيذ هذا الشعور , وفعلا عند سفرى لطريق الدير أرشدنى السيد المسيح عن المغارة التى بالجبل التى بناها القمص سرابامون , فأخذت الفلاحين , وتوجهت إليها وقمنا بتنظيفها , ومكثت هناك , ولا يمكننى أن أصف أول ليلة أقمت فيها , فكنت أشعر أن العدو ( الشيطان) قد جمع كل قواته على أنا الضعيف , وأحدث مخاوف عديدة وأصوات مزعجة , وزلازل مخيفة , كل ذلك طبعاً الطبع البشرى ضعيف والخوف لا بد منه , ولكن أنظروا عناية الرب وكأن بقوة خفية كانت تشجعنى , وتقول لا تخف منهم , ولا ترتاع أمامهم لأن الذى معك أكثر من الذين عليك .. وكما يقول داود النبى , تقدمت فرأيت الرب أمامى فى كل حين لأنه عن يمينى لكى لا أتزعزع من أجل هذا فرح قلبى , وتهلل لسانى , مثل هذه الأقوال كنت أسمع , فذهب عنى الخوف وتشجع قلبى ..
وفى اليوم التالى حضر الاباء الرهبان وأرادوا ان يأخذونى معهم بالقوة , فلم يفلحوا , فأرسلوا تلغراف لغبطة البطريرك وآخر للرئيس , وبعد مقاومة شديدة من الجميع وافق البطريرك على بقائى , فشكرا للرب على إحساناته , سرت على بركة الرب الطريق , وكنت أتوجه غلى الدير كل أسبوع لتناول الأسرار المقدسة وآخذ مؤونتى من الدير , وصادفت فى طريقى مدة إقامتى بالمغارة حروب شديدة ومقاومات وأضطهادات سأكتب عنها بالتفصيل .. "
وقد وكله لتعمير الدير الأبيض إن أمكن ، وفعلا مضى إلى هناك وقضى فيه فترة قصيرة ثم أقام فترة من الوقت في مغارة بجوار مغارة القمص عبد المسيح الحبشي . فكان يحمل على كتفه صفيحة الماء وكوز العدس أسبوعياً من دير البراموس إلى مغارته العميقة في الصحراء حتى تركت علامة في كتفه إلى يوم نياحته .
زيارات من الكبار
وفى يوم من ايام سنة 1933 م حدث أن د/ حسن فؤاد مدير مصلحة الآثار العربية ومعه أمريكى مدير لكلية لاهوت بنيويورك ذهبا وزارا دير البراموس , وعند خروجهما ألتقيا بأعرابى عرض عليهما زيارة الناسك المتوحد , وسمع ابونا مينا المتوحد قرعاً على بابه لأول مره منذ أن توحد فى البرية فلما فتح وجد الشخصين الأمريكى والمصرى , وادخلهما فلما جلسا قال له ألمريكى : إنه جاء ليجمع كل ما يمكنه من المعلومات عن الرهبنة القبطية تمهيداً لوضع كتاب عنها , وقضى الأثنان ما يقرب من ساعتين , يسأله المريكى ويجيب ابونا مينا المتوحد , وجاء وقت إنصرافهما عبر الأمريكى عن فرحته بالمعلومات الوفيرة التى أستقاها منه , أما المصرى فأخرج كارته الشخصى وأعطاه لأبونا مينا المتوحد وقال له : " شكراً لك يا ابى فقد رفعت راسنا عالياً وشرفت الرجل المصري , وأرجوا أن اتمكن من تقديم البرهان العملى عن عمق تقديرى وإحترامى لك "
وزاره البطريرك الأنبا يؤنس عام 1934م وكان فى زيارة للدير الذى قضى فيه رهبنته وفوجئ ابونا مين
المتوحد الناسك بزيارة البابا الأنبا يؤنس الذى صمم لرؤيته بالرغم من شيخوخته وعناء المشى فى الصحراء وأعجب بعلمه وروحانيته وفضائله ، وشهد بتقواه مؤملا خيراً كبيراً للكنيسة على يديه.
يشهد للحق فى كل وقت :حدث أن غضب رئيس الدير على سبعة من الرهبان وأمر بطردهم . فلما بلغ الراهب المتوحد هذا الأمروهو فى قلايته البعيدة ، أسرع إلي رئيس مستنكراً ما حدث منه ، وخرج مع المطرودين وتطوع لخدمتهم وتخفيف ألاممهم النفسية ، وتوجه معهم إلى المقر البابوى ، وقص على الأنبا يؤنس البطريرك الأمر ، وبعد التحقيق تأكد أنهم ظلموا فأمر بعودته
إلى ديرهم وأثنى على ابونا مينا البراموسى المتوحد .
إوكان أبونا مينا مشتاق لأعادة تعمير دير مار مينا فاستأذن غبطه البابا في أمر إعادة تعمير دير مارمينا القديم بصحراء مريوط ، أكبر وأشهر أديرة مصر على مر التاريخ العالمى ولكنه لم يحصل على الموافقة .
حياة أبونا مينا فى الطاحونة
فى عام 1936 م توجه إلى الجبل المقطم في مصر القديمة (الذي نقل بقوة الصوم والصلاة ايام المعز لدين الله الفاطمى ) بعد موفقة البابا يؤنس ، وبينما هو يتجول بين الطواحين سأله الخفير المنوط بحراستها عن نيته , فلما أخبره عن قصده فقال له : " ممنوع قطعياً لأى شخص أن يسكن فى إحداها مالم يحصل على إذن من مدير المصلحة , فذهب أبونا مينا فى اليوم التالى إلى مصلحة ألاثار وقدم كارت د/ حسن فؤاد للفراش الواقف ببابه وقال له : " من فضلك قل للسيد المدير أن من أعطيته هذا الكارت يرجوا مقابلتك " وكم كانت دهشة الفراش كبيرة إذ رأى مدير المصلحة يخرج بنفسه ويعانق الناسك بحرارة شديده ويدخله إلى مكتبه , وما أن عرف بطلبه حتى كتب له خطاباً إلى الغفير يامره فيه بان يدع العابد يتخير الطاحونة التى يريدها ويقيم فيها وقد اختار الناسك طاحونة لا سقف لها ولا باب وقد أعد وكيل مصلحة ألاثار عقداً معه صونا له من المضايقات إيجار طاحونه من الطواحين الذى أنشأها الفرنسيين أثناء الحملة الفرنسية فى مصر , وساعده على ايجار الطاحونة التى يريدها , وقام بتوصية مفتش الاثار بزيارته , وامر خفير المنطقة التابع لهيئة الاثار أن يقضى كل إحتياجاته فى الصورة المقابلة نص العقد بين أبونا مينا البراموسى وهيئة الآثار فى مصر حنا يوسف عطا - القس رافائيل أفا مينا : مذكراتى عن حياة البابا كيرلس السادس .. وراجع أيضاً عاماً على نياحته قرائة فى حياة - أبونا مينا البراموسى المتوحد - أمير نصر - مارس 1996 - مكتب النسر للطباعة ص 49
وفي 23 يونيو سنة 1936م وأستأجر الطاحونة من الحكومة مقابل ستة قروش صاغ سنوياً . وأقام فيها
مستمتعاً بعشرة إلهية قوية . وعاش ابونا مينا حوالى ست سنوات فى هذه الطاحونة لم يفتر يوما عن إقامة صلاة القداس الهى , فأقام مذبحا فى الدور الثانى وكان يمارس صلواته وعباداته وأنضم إلى زمرة القديسين الذى وصفهم الكتاب المقدس بأن "وهم لم يكن العالم مستحقاً لهم. تائهين في براري وجبال ومغاير وشقوق الأرض" عب 11 : 38 "لعظم محبتهم في الملك المسيح "(القداس الإلهي). وهناك تحولت حياته من كثرة الصوم والصلاة والسهر إلى نور يجذب الذين فى الظلمة وفى وسط هموم العالم حتى تحولت الطاحونة إلى منار ثم إلي مزار - ووهب له الرب يسوع موهبة إخراج الشياطين وشفاء المرضى .
وحدث أن حضر إليه رمزى قلدس ( الأنبا مينا الصموئيلى رئيس دير الأنبا صموئيل السابق) ليكون تلميذاً له وشماساً فى خدمة القداس , وفى اثناء زيارة الأنبا باسيليوس مطران الأقصر وأسوان (1936- 1947م) لكنيسة القديسة بربارة طلب أبونا مينا منه ان يرسم رمزى قلدس راهباً , فوافق وكرسة راهباً بأسم "مينا" وعًرف بأسم مينا الصغير وكان ذلك فى سنة 1930 م.
وكان أبونا مينا الصغير له دوراً فى مساعدة ابونا مينا البراموسى المتوحد فى تعمير دير القديس النبا صموئيل المعترف بعد ذلك راجع لمزيد من المعلومات القمص باسيليوس الصموئيلى : كتاب بستان الفضائل الأنبا مينا الصموئيلى
وكان أبونا مينا يصلى قداساً إلهياً يومياً , فكان يستيقظ فى الثانية صباحاً ليصلى صلاة نصف الليل ثم يصلى التسبحة كاملة وبعدها يخبز القربان , ثم يرفع بخور باكر ثم يقيم القداس الإلهى الذى ينتهى نحو الساعة الثامنة , وكان يصلى صلاة خاصة لكل من يأتى إليه طلباً للعون أو الخلاص من ضيقة أو مشكلة أو للشفاء أو المشورة , وفى المساء يقوم برفع بخور عشية وعمل تماجيد للقديسين .
شفاعة مينا العجائبى تنجيه من اللصوص
حدث أن داهمه اللصوص مرة في الطاحونة ظناً منهم أنه يختزن ثروة كبيرة واعتدوا عليه بأن ضربوه ضربة قاسية على رأسه، ثم فروا هاربين بعدما تحققوا أنه لا يملك شيئاً سوى قطعة الخيش الخشنة التي ينام عليها وبعض الكتب . أما القديس فأخذ يزحف على الأرض لأن رأسه كانت تنزف نزفاً شديداً حتى وصل إلى أيقونة شفيعه العجائبى وصلى أسفلها وهو في شبه غيبوبة، وفي الحال توقف النزيف وقام معافى , على أن علامة الضرب هذه في جبهته لم تزل موجودة إلى يوم انطلاقه إلى الأخدار السماوية.
ولذياع صيته وتقواه كان الكثيرون على مختلف طوائفهم ومللهم مسيحيين ومسلمين يسعون إليه للتبرك منه وطلب صلواته. فقام بطبع كارت خاص به كتب عليه عبارة " باسم الله القوى" باللغتين القبطية والعربية ثم إحدى الآيات التي كان يعيشها القديس ويحياها مثل "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه، أو ماذا يعطى الإنسان فداء عن نفسه" ،أو غيرها من الآيات المحببة إليه ، وكان يوزعه على زائريه. كما أصدر مجلة بسيطة شهرية أطلق عليها اسم" مجلة ميناء الخلاص".
هل الرب يسوع أرسل الذئب ؟ الذئب يحب القهوة ليحميه من اللصوص
ومن الطريف أن أبونا مينا بعد أن سكن الطاحونة التى بلا باب أو سقف بعضاً من الوقت , فوجئ ذات مساء بدخول ذئب إليه , فرسم علامة الصليب المقدس وسأله : ماذا تريد يا مبارك ؟ " فجلس الذئب قابعاً عند قدميه وقضى ليلته معه , وفى الصباح الباكر وبعد ان صلى ذهب وأعد لنفسه فنجاناً من القهوة , فأخذ الذئب يشمشم فى الفنجان فإبتسم رجل الرب يسوع إبتسامه فهم منها مايريده وقال : " وأنت كمان عايز فنجان قهوة يا مبارك؟ " وأعد له فنجاناً كبيراً شربه الذئب وذهب إلى حال سبيله , ومن ذلك اليوم تعود الذئب أن يأتى إليه فى المساء ويبيت معه ويشرب القهوة فى الفجر ثم يخرج .. وتذكر المؤرخة أيريس حبيب المصرى هذه الحادثة لمؤرخة أيريس حبيب المصرى فى كتابها السابع ص 23 هذه الحادثة وتقول : " وحدث أن كان فى زيارة القس مينا قريب لى أسمه جورجى إبراهيم وتأخر عنده إلى قرب الغروب , وفيما هو خارج إنزعج لرؤية ذئب يدخل الطاحونة فقال له أبونا مينا المتوحد : " هذا شريكى فى الطاحونة "
الا أنه لم يبق في هذا المكان الذي تقدس بالصلوات المرفوعة والذبيحة الإلهية المقدمة يومياً طويلا إذ أنه
أثناء الحرب العالمية الثانية في 28 أكتوبر سنة 1941م ظنه الإنجليز المحتلون جاسوساً ، فخشوا منه وطلبوا إليه مغادرة المكان وكانت فى نفسه رغبه فى تعمير دير مار مينا فى مريوط وأستأذن البابا على أن حرب العالمين والجيوش الإنجليزية المتحاربة مع الألمانية فى إيطاليا جعلت تنفيذ رغبته صعبه ولكن تحقيقاً لرغبة أبونا مينا المتوحد كلف الأنبا يؤانس الأستاذ حبيب المصرى بأن يكتب له خطاب توصية الذى طلب فيه السماح للراغب فى التوحد بالإقامة بين خرائب دير البطل الشهيد مار مينا ولكن القائد البريطانى رفض الطلب - فخرج متوجها إلى بابليون الدرج وأقام في فرن بكنيسة السيدة العذراء وكان يتنقل منها إلى دير الملاك القبلى - عاش في العالم وهو ليس من العالم، تعلق بالسماويات وزهد في الارضيات، عرف معنى الغربة التي قالها مخلصنا، فلم يعز عليه مكان مهما تعب فيه، وعمل بيديه وسهر. لأنه كان يحس تماما أن ليس له ههنا مدينة باقية وإنما يطلب العتيدة إلى أن بدأ بتشييد كنيسة ودير مار مينا
تعمير دير الأنبا صموئيل المعترف
وفي سنة 1942 م كان الأنبا اثناسيوس مطران بنى سويف والبهنسا يشرف على دير الأنبا صمؤيل المعترف بجبل القلمون بمغاغة من المعروف أنالأنبا غبريال الخامس قضى فى هذا الدير سنين رهبنته قبل أن يصبح البابا الـ 88 لسنة 1401 م - 1420 م , ولم يكن لهذا الدير أوقاف أو أملاك كما أن رهبانه قليلين ولكنهم يحتاجون لمن يرعاهم ويدبر لهم إحتياجاتهم سواء أكانت روحية أم مادية , فكلم الأنبا أثناسيوس الأنبا يوساب مطران جرجا وقائم مقام بطريرك (البابا يوساب الثانى فيما بعد) فأسندت إليه رئاسة دير الأنبا صموئيل بجبل القلمون سنة 1944م . وسرعان ما التف الشباب المتدين الذين استهوتهم الحياة الرهبانية حوله وكان كثير منهم جامعيين الذين رأوا فى قداسة أبونا مينا مثلاً روحياً لهم ، ومن زهدوا العالم وزيفه فذهبوا إليه ليعلمهم طريق الحياة ، فاحتضنهم ورعاعهم فى محبة صادقة ، وتتلمذ العديد على يديه وهناك العديد من الرسائل التى أرسلها لهم أبونا مينا وما زال بعضا منهم يحتفظون بها حتى الآن , فترعرع الدير وازدهر، فبدأ أولاً بتعمير كنيسة الدير القائمة بداخله وعنما قام الأنبا أثناسيوس بتكريسها رسمه قمصاً وكلما كان البنيان الروحى يثمر فى نفوسهم البشرية كانت سرعان مباني الدير تعلوا وبنى أسواره المتهدمة بفضل تشجيع الغيورين الذين تسابقوا على رصد أموالهم أوقافا للدير , وتقول المؤرخة أيريس حبيب المصرى قصة الكنيسة القبطية - ايريس حبيب المصرى , الكتاب السابع ص 23 : " وأعلن الآب الحنون مدى رافته بأن سمح للرهبان أن يكتشفوا جسد النبا بسادة أحد الأساقفة الذين أستشهدوا خلال إضطهاد دقلديانوس " وفي وقت قصير تمكن من تدشين كنيسة الدير ببلدة الزورة , وأبتهج أهل المنطقة من الأقباط وخاصة أهل الزورة ودير الجرنوس ..
وعلى أثر ذلك منحه المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف الأسبق رتبة الأيغومانس (القمصية) الذي قال يومها "أشكر إلهي الذي خلق من الضعف قوة كملت به نعمته في الابن المبارك القمص مينا وأتم هذا العمل العظيم" ومنح الراهب الصغير نعمة الكهنوت وصار الراهب مينا الصغير وكيلاً لأبونا مينا أثناء فترة وجوده فى القاهرة , وكان أثنائها يتبادلان الرسائل بخصوص إحتياجات الدير والخدمات الروحية .
+ وعندما أصبح أبونا مينا بطريركاً بأسم الأنبا كيرلس السادس , وفى أول أجتماع للمجمع المقدس فى شهر ديسمبر 1959م وبحضور 18 مطرانا وأسقفاً وبتأييد باقى اعضاء المجمع الأساقفة السبع الذين لم يتمكنوا من الحضور أصدر المجمع قراراً بالإعتراف بدير القديس الأنبا صموئيل وإعتباره من ضمن الأديرة القبطية راجع الأسقف إيسوذورس - كتاب الخريدة النفيسة - فى تاريخ الكنيسة الجزء الثانى .
+ وعين البابا كيرلس تلميذه القمص مينا الصغير رئيساً للدير , وظل القمص مينا الصغير يخدم الدير حتى عندما جلس البابا شنودة رئيساً للدير فأقامه البابا شنودة أسقفاً للدير فى عام 1985م .. وأستمر أبونا مينا الصغير أسقفاً للدير إلى يوم نياحته فى 3 أبريل 1989م .. فأقام قداسة البابا شنودة نيافة الأنبا باسيليوس أسقفاً للدير فى 26 مايو 1991م .
موكب الخدام
وكان أبونا مينا المتوحد الشمعة المضيئة التى يرى الشباب من بذله وطريقة خدمته طريق الرب يسوع إلى الملكوت , فكانوا يذهبون إليه ويقيمون عنده ويخدمون معه , وأختار كل واحد منهم طريقاً مختلفاً , فمنهم من أراد أن يكرس خدمته كراهباً إذ إشتاق إلى حياة الفضيلة بعيداً عن العالم , ومنهم من قبل تكريس خدمته فى الكهنوت وخدمة الشعب , والآخرين أستمروا فى خدمة القرية التى بدأت من كنيسة مار مينا هذه الفئات كونوا عمالقة الخدمة فى الجيل التالى وحملوا مشعل الروح لينطلقوا فى سباق مع الزمن ليكسبوا على كل حال قوم وهم :-
** نظير جيد (قداسة البابا شنودة الثالث) وقد قال عنه : " كنت أعرف أبونا مينا منذ عام 1948م , وسكنت فى بيته بمصر القديمة بين عامى 1950 و 1951م .. كنت أحب فى ابونا مينا الطيبة والتعبد والهدوء " راجع كتاب الأقباط فى وطن متغير تأليف غالى شكرى
** سعد عزيز (المتنيح الأنبا صموئيل الذى قتل فى حادث المنصة الشهير وكان أسقف الخدمات العامة) ويقول الأنبا صموئيل فى مذكراته : " ذهبت مع يوسف أسكندر إلى ابينا مينا المتوحد بمصر القديمة بعد القداس عرضنا عليه فكرة نيتنا فى الذهاب إلى دير الأنبا صموئيل , فرحب وطلب أن نمكث معه فى الكنيسة إلى أن نتعلم بعض النظم والمردات الكنسية , ثم بعد العيد نذهب إلى الدير ,,
وفى يوم الخميس 18/ 3/ 1948م بدأت أبيت فى الحجرة التى خصصت لى بجوار قبة الهيكل حيث أبدأ حياة التكريس بنعمة الرب , الذى أثق أنه سيدربنى على البر والفضيلة , وينمى إيمانى ومحبتى والرجاء ويرشدنى إلى ما يجب حسب مسرته السرمدية .. " راجع كتاب أصدقاء الأنبا صموئيل - بدايات فى حياة ألأنبا صموئيل
+ عبد المسيح بشارة (نيافة الأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف )
+ يسطس الدويرى (المتنيح الأنبا ديسقوروس أسقف المنوفية)
+ سليمان رزق (المتنيح نيافة الأنبا مينا أفامينا)
+ يوسف أسكندر (الأب متى المسكين)
+ ظريف عبداللة (المتنيح القمص بولس بولس)
+ وهيب زكى (المتنيح القمص صليب سوريال) وكتب المتنيح القمص صليب سوريال عن تشجيع أبونا مينا المتوحد فى حياتهم كخدام فقال : " وفى كل هذه الخطوات كان مرشدنا ومعلمنا وأب أعترافنا جميعاً كخدام فى مدارس الأحد بالجيزة رجل الرب المختار أبونا مينا المتوحد , نتردد عليه ونأخذ مشورته وننال بركة صلواته , وكان إرشادة بركة عظيمة من الرب يسوع , من بها علينا فى وقت صعب فيه المشورة الإلهية التى تحتاج إلى رجل صلاة , وكأن السماء وهبته لنا نهرع إليه فنجد فى نصائحة الثمينة ما يشجعنا ويبعث فينا الأمل فلا يطفئ سراج رجائنا فى خدمة الرب " القمص صليب سوريال - الكتاب الأول - سيرته الذاتية
+ الأستاذ ميخائيل أفندى إبراهيم وقد كان مرتبط بأبونا مينا المتوحد منذ ان عرفه فى عام 1948 م وحتى سيامته كاهنا على كنيسة العذراء أم النور بكفر عبده وهو الأب الطوباوى الذكر المتنيح " القمص ميخائيل إبراهيم "