يعتني بي

كنت في زيارة لأحد المستشفيات فراعاني منظر جنين لم يكتمل نموه، فأودع في حضًانة مخصوصة لذلك، فنظرت متأملا " انه حقا لشيء مذهل ذلك السر الخفي في تلك الكتلة اللحمية كيف تمكن الله من إنجاز تلك المعجزة الخارقة ؟ فيقول الله
إن هذا المخلوق الصغير الذي أثار دهشك هو وليد حلم بعيد المدى راودني قرونا وأجيالا بل حملته في ذهني وقلبي ووجداني منذ الأزل قبل تأسيس العام ، قبل أن تبدأ الشمس والقمر والنجوم والكواكب رقصتها الرائعة في الفسيحات الفضائية ،
اشتهيت هذا الطفل واشتقت إليه بكل ما في قلبي من حنان وحب وما في وجداني من عشق وهوي ، فوضعت فيه نفْسي ونَفَسي ، فكري وعبقريتي ونفخت فيه من روحي فأصبح اللاشيء كل شيء في نظري وجزءا لا يتجزأ من ذاتي .
إن كل إنسان لهو تاريخ مقدس ، تاريخ بدأ قبل الولادة بل وقبل تأسيس العالم في عمق أعماق قلبي لعلكم تدركون هذا ليت العالم يقدر قدسيه الإنسان حق التقدير.
إن رحم الأم هو الفردوس الأصلي الذي يمثل " الوسط الإلهي " يختبر فيه الإنسان منذ بداية حياته حبي وحناني ويجرب من خلاله تلك الأحشاء الإلهية الأمومية التي هي هيكلاً مقدساً.
ثم يخرج للأرض بغلافها الجوي ومظلتها السحابية وهوائها النقي فان الأرض تمثل رحما أوسع واشمل
حينما يستنشق الإنسان الهواء الطلق يختبر في لحمه ودمه تلك الحياة التي يهبها له الخالق في كل لحظه فيتحول كل نفس من أنفاسه إلي فعل شكر وتسبيح لمصدر حياته وجوده فيكتشف حنان الله
وهذا ما نسميه العـــنايـــة الإلــهيـــــــة







أنا في فكر الله قبل الأزل ، فكر فيَ وتخيلني كيف سأكون ، وما هو شكلي وملامحي ، كيف ستكون شخصيتي ...وهكذا أصبحت موجودا
" قبلما صورتك في البطن عرفتك .."
الفكر عند الله هو أكثر من مجرد فكر ، انه الرغبة لان الله حين يفكر في الشيء يرغبه في الوقت نفسه وهذه الرغبة تحمل في داخلها ارادة أي أن الله أرادني قبل تأسيس العالم وهذه الكلمات الثلاثة
الفكر و الرغبة و الإرادة تتلخص في فعل واحد هو فعل الحب .
ثم قال الرب "لنصنع الإنسان علي صورتنا كمثالنا "استخدم لنا الوحي الإلهي صوره الله الفنان ليصور لنا قصه خلق الإنسان ، فقد اخذ يشكل ، لطخ نفسه بالطين حتى مرفقيه لكنه كان سعيدا . هذه الطينة ابتلت من عرق جبينه. فالخامة التي خلقنا منها ممزوجة بعرق الله، هكذا أحب الله الإنسان حتى شكله بيديه وقلبه ، وعجنه بعرق جبينه ، ووضع كل طاقاته في خلق هذا الكائن .
ونفخ فيه من حياته وروحه ، وبدأت الحياة تدبَ فأصبح الإنسان كائنا حياَ، وفتح عينه لأول مره فالتقت نظرته بنظرة الله ، كما يلتقي القمر ضوء الشمس ، وكان أول لقاء بين الخالق والمخلوق ، وشعر الإنسان بعاطفة الأبوة المتدفقة من الله الخالق ، نظره تقابل نظره ، وابتسامه تقابل ابتسامه ، ووجد الله في الإنسان شكله ، فقد خلق علي صورته ومثاله.
خلقنا بمحبته وهو أيضا يثبتنا في حياتنا أيضا بمحبته فاستمرارنا في الوجود إلي الآن يدل علي استمرار حب الله لنا فلا يصح أن نقول.. إن الله خلقني وكأنها عمليه ديناميكيه انتهي الله منها، ولكن الله يخلقني، فالخلق فعل حاضر مستمر فالخليقة متجددة دائما لان ينبوع الحب الإلهي لا يزال يتدفق ليجعل كل شيء جديداً في كل لحظه

مجهود جميل ربنا يعوضك

ميرسي كتير موضوع جميل ومجهود مميز ربنا يعوض تعب محبتك ,,,,, بوب