إن كثرة الاضطهاد والقتل والتعذيب والمذابح التى اقترفها ديوكليتيان الطاغية جعلته رجلا شاذا فى كل تصرفاته ،وكان لا يهتم الا بنفسه وملذاته.
وقد حدث ان ارسل الطاغية المذكور المصورين الى جميع ارجاء الامبراطورية لبصوروا له فى لوح اجمل فتاة يقع نظرهم عليها ليتخذها زوجة له. ولما بلغ المصورين رومية دخلوا دير للعذارى فوجدوا فيه فتاة راهبة اسمها اربسيما ذات جمال لا يقارن ، فأخذوا صورتها وارسلوها الى الملك ، ففرح بها وراح يدعو الملوك مقدما الى حفل عرسه.
ولما سمعت اربسيما بالخبر حزنت وحزن راهبات الدير معها وابتهلن الى الله ان يعيلهن ويحفظ طهارتهن وتركن الدير سرا ولجأن الى بلاد ارمينيا فى ولاية تريدانة وأقمن داخل معصرة فى بعض البساتين الخربة.
ولما وصل الى علم الامبراطور ان الراهبة لجأت الى ارمينيا ارسل الى والى تريدانة يطلب ارسال الفتاة الراهبة ، ولما سمع العذارى بهذا تركن مأواهن واختفين فى المدينة. ولكن والى تريدانة استطاع فى النهاية ان يعثر على الفتاة واختطفها جنده واحضروها اليه.
ولما رأى جمالها آثر ان يأخذها لنفسه ولكنها لم تمكنه من ذلك ، فأحضر امها ليقنعها بذلك.
ولكن الام كانت شديدة الثبات فأوصتها بإصرار على الاحتفاظ بطهارتها مهما كلفها الامر. ولما راى الوالى ما فعلته الأم وأنها لم تسنده فى طلبه امر بأن تكسر اسنانها.
ولما اراد الوالى أن يقترب من الفتاة القديسة اربسيما منحها الله القوة التى تغلبت بها عليه إذ دفعته بقوة فسقط سقطة قوية على ظهره وتركته طريحا على الارض ، فعراه الخزى إذ غلبته فتاة وهو رجل الحرب المعروف بالقوة.
فأمر بقطع رأسها.
فأتى الجند وأوثقوها واخرجوا عينيها وقطعوا لسانها . ولما افاق الوالى من غشيته امر بقتل باقى العذارى. فسلخ الجنود جلودهن وقطعوهن إربا.
«لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ
الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ
بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ
وَ الَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَنْ يَرَى
حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ»