سلسلة الإيمان كسرّ وحياة
5 - علامة الإيمان وكيف نحصل عليه
[أ] علامة الإيمان : الثمرة تظهر نوع شجرتها ، والشجرة تظهر قوة جذورها وما تنتجه يظهر نوع البذرة ، فعلى قدر ما تظهر الثمرة جميلة ناضجة ونضرة تظهر نوع الشجرة الجيدة الذي طرحتها ، وعلى قدر ما تظهر الشجرة من زهوٍ وجمالها وورقها يظهر نضر أخضر ، على قدر ما تظهر قوة جذورها التي تمتص الغذاء اللازم لها وتظهر نوع الرعاية الجيدة التي تُحيط بها ، وهكذا هو الإيمان الحي المثمر ، فالبذرة يضعها الله في القلب من خلال الكلمة ، وتدفن في الأعماق وتُغرس وتُسقى بالنعمة من خلال الأسرار ورعاية الخدام الأمناء ، وبالآلام والضيقات تُسبخ الأرض لتخرج الشجرة بموت البذرة في خبرة مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ ، وترتفع الشجرة وتنمو ، لتزهو في النهاية وتثمر في ميعادها ثمراً حلواً ، ومن الثمار تُعرف الشجرة ...
يقول القديس إغناطيوس الرسولي : [ إن كان لكم إيمان كامل ومحبة كاملة فلن يخدعكم أحد ... هاتان ... هما بدء ومنتهى الحياة .
الإيمان هو مبدأ الحياة والمحبة غايتها ، والأثنان معاً هما الله ، أما باقي الأشياء الهامة تجيء بعد ذلك .
من له الإيمان لا يُخطئ ومن عنده المحبة لا يُبغض .
" الشجرة تُعرف من ثمارها " (مت12: 33) ، كما يُعرف من يتكلم عن الإيمان من أعماله .
لا يكفي أن نُعلن عن إيماننا بل أن نظهره عملياً حتى النهاية ، إذ أن ما يُطلب منا الآن ليس الاعتراف بالإيمان فقط بل والمثابرة ( المداومة والاستمرار ) على عمل الإيمان ] (من رسائل الشهيد إغناطيوس الرسولي)
يا أحبائي أي كلام عن الإيمان سيظل كلام نظري بلا معنى إن لم يظهر ثمر في حياتنا ، وأعمالنا إن لم تكن نتيجة الإيمان الحي فينا فلن يبقى لها معنى إلا كبرياء القلب والتغطرس والتعالي على الآخرين ، وأيضاً سندين الله بأعمالنا وكأننا سنحظى بخلاصه بسبب ما نعمله وليس على حساب نعمته لأننا لن نقدر أن نُرضي الله بأعمالنا الخاصة ، والإيمان ليس هو نتاج أعمال صالحة ، بل الأعمال الصالحة التي تُرضي الله هي نتيجة الإيمان الحي والعامل بالمحبة ... [ هكذا الإيمان أيضاً إن لم يكن لهُ أعمال (ثمر) ميت في ذاته ] (يعقوب 2: 20)
ويقول القديس مار إسحق : [ تحقيق الإيمان بالله ليس هو في صحة الاعتراف ، وإن كان هذا يُعتبر أساس الأمانة بالله .
بل إنما يتحقق بالله ويظهر بالفعل كقوة داخل النفس عند تداخل الإنسان في السيرة الروحانية بما يتفق مع وصايا المسيح التي هي نور النفس وضياؤها ]
ويقول أيضاً : [ الأمانة تجعل قلب الإنسان يثق بالله بشجاعة فائقة ]
ويقول : [ الأمانة هي أن يثق الإنسان بتدبير الله وبصفته سيداً على الكل ، ويؤمن أنه لا يُمكن أن تحصل أذية لهُ بدون سماح منه ]
وعلامة الإيمان الحقيقي = أكون كلياً للمسيح ، جسداً ونفساً وروحاً ، بمعنى أن يكون عهد حياتي أني للمسيح الرب وليس لآخر سواه ، فاقبله لي سيد ورب وحياة نفسي ، حاملاً سر آلامه، قابلاً صليبه لي فخر ومجد خاص بقبولي كل ألم وضيق بصبر ، مع تجديد العهد كل يوم أني له مبتعداً عن كل ما يحزن روحه القدوس الساكن في ...
[ب] كيف أحصل على هذا الإيمان :
يقول القديس مار اسحق : [ ليس قولي الإيمان يعني أن يؤمن الإنسان بالثالوث القدوس وطبيعته وخواصه أو بتدبير التجسد افلهي ، بل أعني بالإيمان النور الذي من النعمة يُشرق في النفس ، وبشهادة الضمير يتقوى القلب ويثق بدون انقسام وبإقناع الرجاء الخالي من كل الظنون والأوهام .
والإيمان بهذا الوصف لا يُمكن الحصول عليه من التقليد أو بسماع الأذن . بل هو قوة الباركليت التي وُهِبَت لتحل على الإنسان في كل وقت وزمان ، الذي يُشعل كل أجزاء النفس بالإيمان كمثل النار ، حتى أن الإنسان يجسُر على الأشياء الخطرة بثقة مطلقة في الله ]
ويقول أيضاً في كيفية الحصول عليه : [ أسأل الله لكي يجود عليك بالأمانة به ، لأنه إن أَهّلَك لهذا الإيمان تحس في الحال بقوته وبنعمته في قلبك ، فلا يعود شيء يمنعك عن الدالة والقرب منه .
وأنا أدلك على الطريق :
صلِّ كل وقت وبلا ملل ولا كسل وأطلبها بدموع وحرارة وتضرُّع واهتمام كثير ، إلى أن تحظى بها فلا تعود تشقى بعد ذلك ]
وهبنا الله قوة الإيمان الحي والعامل بالمحبة وحفظني وحفظكم في ملئ النعمة
انتم الذين بقوة الله محروسون بإيمان لخلاص مستعد أن يعلن في الزمان الأخير (1بط 1 : 5)
_____________________
ـــ تم بنعمة الله في 6/10/2010 ـــ