عجيب أمر النعامة في مواجهتها للأعداء، فعندما يصوِّب الصياد بندقيته نحوها، فإنها تركض في أي اتجاه وبدون هدف محدد، ثم تقف لتدفن رأسها في الرمال، فلا ترى شيئًا غير الظلام، وكأنها تقول لنفسها: “الآن زال الخطر، فليست هناك بندقية، ولا يوجد صياد. أنا في أمان تام”، ولا تدري المسكينة أنها صارت صيدًا سهلاً وفريسة للأعداء.
أما النسر، ذلك الطائر السماوي العملاق، عندما يلمح بندقية الصياد، فإنه في لمح البصر يستدير باحثًا عن الشمس ليطير نحوها، وبذلك يصعب اصطياده.
هكذا يتصرف الحكيم الذي ارتبط بالمسيح «كما هو السماوي هكذا السماويون أيضًا» (1كورنثوس15: 48)، «الذين بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس مدَّربة» (عبرانيين5: 41). فالمؤمن عندما يواجهه الخطر، يتجه بسرعة للرب طالبًا منه النجدة، كبطرس عندما ابتدأ يغرق صرخ «يا رب نجني.. ففي الحال مَدّ يسوع يده وأمسك به» (متى14: 30،31).
فالمسيح هو نورنا وشمسنا (ملاخي4: 2). وكل من احتمى به، له قول رب الجنود: «مَنْ يمسكم يَمَسُّ حدقة عينه (أي عين الشخص الذي يحاول أن يمَسَكم وبالطبع ليست حدقة عين الرب)» (زكريا2: 8).
وللعناية الإلهية رموز جميلة في الكلمة الإلهية فالرب:
كأب يترأف: «كما يترأف الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه» (مزمور103: 13).
كأُم تُعزّي: «كإنسان تعزّيه أمه هكذا أعزّيكم أنا» (إشعياء66: 13).
كراعٍ يرعى: «كراعٍ يرعى قطيعه. بذراعه يجمع الحملان وفي حضنه يحملها ويقود المرضعات» (إشعياء40: 11).
كدجاجة تجمع: ختم الرب يسوع حديثه للجموع بالقول: «يا أورشليم يا أورشليم... كم مرة أردتُ أن أجمع أولادك، كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، ولم تريدوا» (متى23: 37).
كنسر يعطف: «كما يحرِّك النسر عشه، وعلى فراخه يرف ويبسط جناحيه ويحملها على مناكبه، هكذا الرب وحده اقتاده» (تثنية32: 11).
كعريس يفرح: «وكفرح العريس بالعروس يفرح بك إلهك» (إشعياء62: 5). لقد اتسع وقت المسيح الثمين أن يذهب إلى عرس قانا الجليل ليضمن لهم فرحًا أبديًا.
كمرضعة تربي: كتب الرسول بولس للتسالونيكيين يقول: «كنا مترفقين في وسطكم كما تُربّي المُرضعة أولادها... كُنا حانين إليكم.. لأنكم صرتم محبوبين إلينا» (1تسالونيكي2: 7،8). فإذا كانت هذه مشاعر وعواطف الرسول نحو الإخوة، فكم تكون مشاعر ربنا؛ إنه «حناَّن ورحيم» (مزمور116: 5) بل و«محب ألزق من الأخ» (أمثال18: 24).
لذلك كان يتجه النسر إلى الشمس ليحتمي «لأنه باطلاً تُنصب الشبكة في عيني كل ذي جناح» (أمثال1: 17).
أما النعامة وإن كنا نلتمس لها العذر «لأن الله قد أنساها الحكمة ولم يقسم لها فهمًا» (أيوب39: 17)؛ فما عذر الإنسان الذي يرى الشر فلا يهرب، ويكاد يغرق ولا يصرخ. إن «الذكي يبصر الشر فيتوارى والحمقى يعبرون فيعاقبون» (أمثال 22: 3).