واشنطن: مصر فشلت في تحسين مناخ الحريات الدينية
القاهرة مصطفى رزق
18/11/2010
تصوير أ.ف.ب
انتقد تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية في العالم، الضغوط التي تمارسها الحكومة المصرية على بعض «الأقليات والطوائف الدينية»، رغم أن الدستور ينص على حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية.
وقال التقرير ـ الذي نشره موقع وزارة الخارجية الأمريكية باللغة الإنجليزية، وأفرد صفحة خاصة عن كل دولة ورد ذكرها بالتقريرـ إن الحكومة المصرية تضع قيودا على الحريات الدينية، بدءا من الدستور الذي يعتبر أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
ورغم أنه أكد أن من وصفهم بـ«الأقليات الدينية المعترف بها رسميا» يمارسون عباداتهم دون مضايقة، إلا أن التقرير زعم أن هناك تضييقا على المسيحيين والبهائيين، مشيرا إلى أنهم «يواجهون التمييز الشخصي والجماعي، وخاصة في الوظائف الحكومية، فضلا عن التضييق في بناء وترميم أماكن العبادة».
وأشار تقرير الخارجية الأمريكية، إلى أن التضييق لم يقتصر فقط على الأقليات غير المسلمة، وإنما طال بعض الطوائف الإسلامية، بالاعتقال والاحتجاز، مثل طوائف الشيعة والأحمدية والقرآنيين والمتحولين من الإسلام إلى المسيحية، وأعضاء بعض الجماعات الدينية الأخرى التي ترى السلطات أن مبادئها تعد انحرافا عن المعتقدات الإسلامية والقيم السائدة، بما يعرض حالة الوئام بين الطوائف للخطر.
وانتقد التقرير رفض السلطات المصريةـ في بعض الحالات ـ تحويل وثائق الهوية للمتحولين دينيا، كذلك ما وصفه بـ«فشل» الحكومة في مقاضاة مرتكبي جرائم العنف ضد المسيحيين في عدد من الحوادث، بما في ذلك «فرشوط»، و«مرسى مطروح»، و«نجع حمادي»، الأمر الذي يساهم ـ بحسب وصف التقرير ـ إلى خلق مناخ الإفلات من العقاب، والتشجيع على مزيد من الاعتداءات الطائفية.
وقال التقرير إنه بالرغم من تصريحات الرئيس مبارك وكبار المسؤولين في حكومته التي تدين العنف الطائفي والتحريض عليه، إلا أن بعض المسؤولين المحليين ينكرون وقوع أحداث عنف طائفي تم توثيقها، مشيرا إلى تصريحات لمحافظ المنيا، في نوفمبر 2009.
وكرر التقرير اتهامه للحكومة بالفشل مرة أخرى، فيما يتعلق بإصلاح وتعديل قوانين بناء وتجديد الكنائس، واعتبر أن هذا «تمييزا واضحا» ضد المسيحيين، مشيرا إلى أن غير المسلمين مطالبون بالحصول على مرسوم رئاسي لبناء كنائس أو معابد جديدة.
وتابع أن وزارة الداخلية تحدد مجموعة من عشرة شروط يجب توافرها قبل السماح ببناء مكان جديد للعبادة لغير المسلمين، تتضمن ألا تقل المسافة بين الكنيسة المراد إقامتها وأي مسجد مجاور عن 100 متر، كما يشترط موافقة المجتمع المسلم المجاور لها قبل الموافقة على تصريح لبناء كنيسة جديدة.
إيجابيات
في المقابل، سرد التقرير بعض الملاحظات الإيجابية فيما يتعلق بالحريات الدينية في مصر، كان أبرزها إصدار بطاقات هوية لبعض أعضاء الطائفة البهائية، واعتقال ومحاكمة أربعة من الجناة في الهجوم الطائفي ضد المسيحيين في نجع حمادي، كما أصدرت محكمة في محافظة قنا حكما بالسجن مدى الحياة على خمسة مسلمين اتهموا بقتل اثنين من المسيحيين.
وذكر التقرير بعض الحالات التي اعتبرها تمييزا ضد الأقباط والمتحولين دينيا، منها حكم محكمة القضاء الإداري في يناير 2008 بأن حرية التحول إلى الأديان لا تنطبق على المواطنين المسلمين، وحرمان المسلمة التي تتحول للمسيحية من الميراث، وتطبيق نصوص الشريعة الإسلامية المتعلقة بالميراث على الأديان كافة ، والتضييق الأمني على التبشير بالمسيحية، كما أن الحكومة لا تعترف بزواج المواطنين من أصحاب ديانات أخرى سوى المسيحية أو اليهودية أو الإسلام.
واعتبر التقرير أن التعديلات الدستورية التي أقرت في استفتاء عام في 2007 لها آثار غير واضحة على الحرية الدينية، مشيرا إلى أن المادة الأولى المعدلة من الدستور تنص على أن يقوم النظام السياسي في البلاد على مبدأ المواطنة، كما ينص تعديل المادة الخامسة على حظر تشكيل أحزاب سياسية أو القيام بأنشطة سياسية على أساس ديني، وهي مواد تتعارض بشكل أساسي مع المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع.
البهائيون
وفيما يتعلق بالبهائيين، أكد التقرير أن القانون رقم 263 لسنة 1960، لا يزال ساريا، والذي يحظر وجود مؤسسات بهائية أو أنشطة مجتمعية، ويحرم البهائيين من الاعتراف القانوني، لكنه أشار إلى أنه رغم هذا الحظر، إلا أنهم يشاركون في بعض الأنشطة المجتمعية مثل الاحتفال بالسنة البهائية الجديدة.
وفي أبريل 2009 أصدرت وزارة الداخلية مرسوما توضح فيه إجراءات الحصول على بطاقات الهوية الوطنية لأعضاء الجماعات الدينية غير المعترف بها، مع وضع علامة (-) مكان الهوية الدينية.
ووفقا لأعضاء الطائفة البهائية، فإن الحكومة نفذت طوال النصف الأول من عام 2010 ما وعدت به، وأصدرت شهادات ميلاد لأكثر من 180 مولودا، وما بين 50 إلى 60 بطاقة هوية للبهائيين غير المتزوجين؛ حيث إن الحكومة لا تعترف بزواج البهائيين، وليس هناك آلية للزواج المدني، وترفض في الوقت نفسه إصدار وثائق هوية للبهائيين المتزوجين.
وتطرق التقرير إلى جماعة الإخوان المسلمين، مشيرا إلى أن الحكومة حظرت نشاطات الجماعة التبشيرية والخيرية والسياسية، إلا أن أعضاء الجماعة يتحدثون صراحة وعلنا عن وجهات نظرهم ويعرفون أنفسهم بأنهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، وإن كان أعضاء الجماعة لايزالون يخضعون للاحتجاز التعسفي والضغوط من جانب الحكومة، التي تتمثل في الاعتقالات والمنع من السفر.