ما هي الأسباب التي تدفع الزوج إلى ضرب زوجته؟
د. ماهر الضبع أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية يقول إن هناك أسبابا كثيرة تجعل الرجل يقدم على هذا السلوك أهمها:
المفاهيم الخاطئة الخاصة بالرجولة التي يعتبرها الرجال أنها تعني أن الكلمة كلمته والشورة شورته.. فإذا أظهرت الزوجة عدم تقبل لهذه الأفكار أو رغبت في مناقشتها أو أظهرت رفضها لها يثور الزوج وينفعل ويلجأ إلى هذا الأسلوب لفرض رأيه بالقوة.
مفاهيم خاطئة عن الزواج بصفة عامة، لأن بعض الرجال يعتقدون أن الزواج يعني شراء زوجة لتقوم بدور معين سواء إعداد الوجبات وتنظيف البيت وإشباع رغباته الجسدية وتربية الأبناء.. وهي نظرة خاطئة للزواج الذي يعني في مفهومه الصحيح المودة والرحمة والمشاركة بين اثنين متساويين في الحقوق والواجبات وفي الأدوار التي يؤدونها في الحياة.
من الأسباب التي تدفع الرجل إلى هذه الإساءة أيضا الإحساس بالدونية.. فقد يشعر الزوج انه أقل من زوجته في الذكاء أو الإمكانيات المادية أو المكانة الاجتماعية... ويدفعه الإحساس بالنقص إلى محاولات عدل الميزان فلا يجد أمامه سوى القوة الجسدية التي يمتلكها ليثبت لها انه أقوى منها في حين انه في الحقيقة عاجز عن مواصلة الحوار معها وغير قادر على مقاومة الفكرة بالفكرة..
كذلك هناك سبب آخر لهذا العنف يتمثل في القدوة.. فربما نشأ هذا الزوج في أسرة شاهد فيها والده يمارس نفس هذا السلوك العنيف مع والدته.. فالدراسات أثبتت أن الإنسان يتبع دائما نموذجا معينا في حياته يكون عادة الأب.. والطفل الذي يتعرض لمثل هذا الموقف قد يكره والده ويبدي رفضه لهذا السلوك.. لكن الشيء العجيب انه عندما يكبر يكرر نفس الأسلوب.. فموضوع القدوة إذن موضوع مهم جدا يجب أخذه في الاعتبار عند التفكير في الارتباط بشخص معين..
والنصيحة التي نقدمها للفتاة المقبلة على الزواج أن تحاول ملاحظة هذه الأمور وتقوم بدراسة أسرة العريس جيدا لأن الاحتمال كبير أن يكرر الابن نفس سلوك الأب.. كذلك يجب أن تراعي المستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي لأسرته لأن الفروق الاجتماعية الكبيرة بين الطرفين يمكن أن تجعل الزوج يشعر بالنقص ويلجأ إلى السلوك العنيف لتعويض هذا الشعور.
وماذا تفعل الزوجة إذا فوجئت بأن الزوج الذي اختارته يضربها؟
في البداية كما يقول د.ماهر يجب أن نعود إلى الوراء قليلا.. إلى فترة الخطوبة لأن هذه الفترة يمكن أن توضح الكثير من شخصية الرجل.. فيمكن للفتاة أن تكتشف سمة من سمات العنف فيه إذا وجدته يثور لأتفه الأسباب أو ينفعل بشدة ويدفعها أو يشدها من ذراعها. إذا لاحظت مثل هذه الأفعال فيجب عليها أن تفسخ الخطبة على الفور لأن هذه التصرفات تعد مؤشرات قوية وأكيدة على إمكانية أن يضربها بعد ذلك. والشيء الوحيد الذي يجب عليها أن تفعله في أول مرة يضربها فيها هو أن تصعد الأمر.. لأن بعض الزوجات يبتلعن الإساءة ويبررنها لأنفسهن بأفكار مثل أنه يفرج عن شعوره.. أو أنه أخطأ رغما عنه بسبب الضغوط الكثيرة التي يتعرض لها، وأنه لن يكرر هذا الخطأ أو لمن أنفسهن للتسبب في ثورته. لكن كل هذه التبريرات مرفوضة تماما, والزوجة يجب ألا تلوم نفسها في هذه الظروف لأن كل الأمور يمكن مناقشتها بين شخصين ناضجين بالعقل والمنطق وليس بالضرب.
ويجب على الزوجة في هذه الحالة أن تقول لزوجها بشكل واضح وصريح أن تصرفه هذا غير مقبول وأنها لن تسمح له أبدا أن يمد يده عليها وأنها لن تسكت على هذا التصرف.. وعادة ما تجدي مثل هذه التهديدات.. لكن إذا حدث وتكرر الأمر مرة ثانية فيجب أن تصعد الأمور إلى مرحلة التهديد.. فإذا كان يخشى من الفضيحة تهدده بها، وإذا كان يخشى أهله تهدده بهم، وإذا كان يخشى أهلها لمكانتهم الاجتماعية مثلا تهدده بهم، ولكن عليها أن تكون مدركة تماما إلى أن هذه التهديدات يجب أن يعقبها تصرف في حالة إذا لم يرتدع. وإلا لن يكون للتهديد معنى ولن يؤتي بنتيجة بعد ذلك
ماذا عن الآثار النفسية التي يتركها الضرب في نفس الزوجة؟
يقول د.ماهر إن هذه الحادثة إذا وقعت مرة أو اثنتين فقط وارتدع الزوج بعدها نتيجة رد فعل الزوجة العنيف فإن حياتهما تستمر بعد ذلك بدون أثار نفسية، والسنة الأولى من الزواج مهمة جدا لإرساء أساسيات العلاقة الزوجية بين الطرفين، فإذا أكتشف الزوج أن هذا الأسلوب العنيف في معالجة الأمور مرفوض تماما من قبل الزوجة فإنه يتقبله وتستمر العلاقة بينهما وتستقيم بدون شروخ.. لكن إذا استمر الضرب وخضعت الزوجة لهذا السلوك العنيف لسبب أو لآخر فإنه يترك شرخا فظيعا في نفسيتها ويؤثر على العلاقة الزوجية التي يضربها في مقتل، ويصعب بعد ذلك استقامة العلاقة من جديد.
في النهاية لا يتبقى سوى أن نقول إن الوسيلة الوحيدة لوقف هذا العنف الموجه ضد المرأة هي التربية.. فيجب أن يتعلم الأطفال منذ طفولتهم معنى المودة والرحمة بين الجنسين في الحياة الزوجية، لكي يشبوا على هذه المبادئ ويتبعوها طوال حياتهم.