22% من السوريين معرضون للسقوط في الفقر الشديد
لم تعد ظاهرة ارتفاع أسعار السلع و المواد في السوق المحلية، مجرد ظاهرة اقتصادية تتابعها وسائل الإعلام المحلية لتأثيراتها السلبية على المستوى المعيشي للمواطن، بل ثمة ما هو أخطر من ذلك على المدى المتوسط و البعيد...
فوفق تقرير الفقر و عدالة التوزيع لعام 2009 فإن 22% من سكان سورية معرضون للسقوط في الفقر الشديد في ضوء التزايد الذي شهدته أسعار الغذاء و الوقود مؤخراً، لذلك فإن قيام الحكومة بوضع إستراتيجية واضحة وشفافة قابلة للقياس لمواجهة ارتفاع أسعار السلع و المواد هو أهم خطوة يجب أن تنفذها حالياً لوقف ذلك الخطر القادم...
لم تكن الخطوات الحكومية السابقة التي اتخذت لمواجهة موجات ارتفاع الأسعار جدية و ذات مصداقية، و الدليل أنها كانت تتكرر في كل مناسبة و كل عدة أشهر، وحتى عندما تتحرك الأسعار عالمياً و تعود للهبوط من جديد تبقى في سورية على حالها من الارتفاع غير المبرر...
وتكمن عدم جدية الإجراءات و الخطوات الحكومية في المبررات التي تقدم سريعاً تهرباً من تحمل المسؤولية و تحميلها لطرف آخر، سواء من قبل الحكومة أو حتى القطاع الخاص، فالحكومة تتحجج دوماً بالأسعار العالمية و الظروف المناخية، و القطاع الخاص يكمل السيمفونية بالحديث عن التغير الحاصل في العادات الغذائية، هذا في الوقت الذي تضطر عائلات كثيرة إلى حذف أولويات لصالح أخرى بغية تحقيق التوازن بين الدخل و الاحتياجات الغذائية في ظل الارتفاع الجديد في أسعار المواد الغذائية...
أما عدم المصداقية فهي تتمثل في ضعف استمرارية القرارات الحكومية و إجراءات القطاع الخاص، فمثلاً حديث الحكومة عن أولوية المستهلك السوري في المنتج الوطني ظل شعاراً يطبق آنياً عند تصاعد أزمات الارتفاع السعرية، بحيث أنه لا يمكن الحصول على تقدير دقيق لحجم التجارة الزراعية و الغذائية في السوق المحلية و الذي على أساسه يجب أن تحدد أولوية المستهلك، فيما يرفع القطاع الخاص المسؤولية عن كاهله بدعوة (رفع عتب) للفعاليات التجارية و الصناعية إلى عدم رفع أسعار السلع و المواد لتوفيرها للمستهلك...
نعم...في الوقت الذي تستمر الحكومة في تجاهل إيجاد و صياغة إستراتيجية متكاملة لمواجهة و معالجة ظاهرة ارتفاع أسعار السلع و المواد الغذائية في السوق المحلية، و بقاء جزء كبير من القطاع الخاص في خانة استغلال الظروف، هناك عائلات تشطب قيودها من سجلات الطبقتين الوسطى و الفقيرة لتلتحق بالطبقة الأدنى...
و إذا كنا قد بدأنا بعبارة من تقرير اقتصادي، فإننا سوف ننهي هذه المقالة بعبارة أخرى تؤكد أن مهمة الحكومة ليست مستحيلة في هذا الجانب، فـ(إزالة فجوة الفقر الوسطية بالنسبة للأسر شديدة الفقر كلفة منخفضة، إذ لا يكلف الأمر إلا 10 دولارات أمريكية عن كل مواطن سوري من اجل انتشال جميع الفقراء من دائرة الفقر الشديد..).
خسارة الحكومة ما بين مليارين و ثلاثة مليارات ليرة
ارتفاع أسعار السكر يرفع من فاتورة استهلاك السوريين لنحو 12 مليار ليرة سنوياً
يبدو أن أسعار مادة السكر سوف تستقر فوق 45 ليرة للكيلو الغرام الواحد على الأقل خلال الفترة القليلة القادمة، إذ لا تبدو في الأفق ثمة مؤشرات لعودة أسعارها إلى سابق عهدها، والتي كانت تتراوح ما بين 25-30 ليرة...
هذا الارتفاع الكبير و المفاجئ تسبب في زيادة إنفاق السوريين على شراء المادة، إذ تشير البيانات و التقديرات الإحصائية إلى أن استهلاك السوريين سنوياً من مادة السكر الأبيض يتراوح ما بين 710-800 ألف طن، و بالتالي فإن ارتفاع أسعار السكر في السوق المحلية من 30 ليرة إلى 45 ليرة للكيلو الغرام الواحد، جعل فاتورة سورية السنوية من مادة السكر ترتفع ما بين 10.5 مليارات ليرة إلى 12 مليار ليرة عن السابق، و شهرياًُ ما بين 875 مليون ليرة و مليار ليرة...
خسارة ارتفاع مادة السكر لم تقع على رأس المستهلكين فقط، فالحكومة نالها أيضاً جزءاً من تلك الخسارة وهو ليس بالقليل، و ذلك جراء كميات السكر التي تقدم بالبطاقة التموينية، فوفق البيانات الرسمية فإن وزارة الاقتصاد و التجارة وزعت العام الماضي نحو 232 ألف طن من مادة السكر بموجب القسائم التموينية، و إذا ما قارنا بين السعر المدعوم الذي تعتمده الحكومة و سعر السوق المحلية سنجد أن خسارة الحكومة تصل لنحو 3.4 مليارات ليرة سنوياً، و إذا اعتبرنا مجازاً أن تكلفة الكيلو الواحد تقف على المؤسسة العامة الاستهلاكية بنحو 37 ليرة فهذا يعني أن هناك فارق لا يقل عن 10 ليرات بين تكلفة الكيلو الواحد سابقاً و تكلفته بعد السعر الجديد، أي أن الخسارة تبلغ نحو 2.3 مليار ليرة في أدنى الحدود.