انتشرت حُمى “العُري” بين الناس بطريقة لم يسبق لها مثيل؛ ففي وقت مضى كان فقط بالشواطئ والبحر والنوادي الليلية؛ أما الآن فتراه في كل مكان. في أستراليا، مثلاً، يُعقد في مدينة سيدنى - مرة في كل عام - مسيرة للشواذ العُراة من الجنسين وتحت حماية البوليس!!
بل الأغرب حينما ترى العُري والملابس الخليعة في الجامعات والشارع، بل وفي كل المناسبات، حتى داخل الكنائس! لكنها تُسمَّى بـ“موضة العصر”!!
وكم يكسر قلب الرب ويحزنه أن يرى من دُعِي عليهم اسم المسيح في ملابس خليعة أو مظهر عالمي صارخ أو سلوكيات لا تمجِّد الله، هؤلاء الذين خلقهم الله ليكونوا على صورته كشبهه وطلب منهم أن لا يشاكلوا هذا الدهر.
أولاً: الحشمة ومعناها
الحشمة هي الحياء واللياقة. وتأتي الكلمة في العهد الجديد باليونانية “كوزميوس (kosmios)” بمعنى الحياء، وتستخدم لوصف الملابس غير الخليعة (1تيموثاوس2: 9)، كما أنها أيضًا تصف التصرف والسلوك بلياقة «عاقلاً محتشمًا» (1تيموثاوس3: 2).
ثانيًا: الحشمة ومظاهرها
تظهر الحشمة في حياتنا في عدة جوانب:
1. المظهر العام للملابس: تكلَّم الكتاب المقدس عن حشمة الملابس فقال: «وكذلك أن النساء يزيِّنَّ ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل» (1تيموثاوس2: 9). وحينما تكلم الرب للكهنة في لاويين8: 2-9 وصف لهم نوعية ومظهر ملابسهم، وإذا قرأنا تفاصيلها سنجد فيها الحشمة والوقار حرفيًّا، وصورة لغطاء بر وقداسة المسيح روحيًّا.
لذلك دعونا ننتقي ثيابنا بدقة تعكس كرامة المسيح فينا!
2. الابتعاد عن العُـري: العُري هو مظهر من مظاهر الخطية، والاحتشام من ملامح السير مع الله. سقط آدم وحواء (تكوين3) وتعروا لكن الرب ألبسهما أقمصة من جلد، ومجنون كورة الجدريين عَرَّاه الشيطان لكن الرب يسوع خلصه وصار «لابسًا وعاقلاً» (مرقس5)، وأيضاً قيل عن الشعب وهو يعبد العجل إنه «تعَرَّى للهُزء بين مقاوميه» (خروج32: 25).
أحبائي، أولاد وبنات الله، لنحذر تقليد الناس الأشرار في ملابسهم الخليعة!
3. التعقل في تصفيف الشعر: خلق الله شعر الرأس للإنسان ليكون جمالاً له، فهو للمرأة مجد لها (1كورنثوس11: 15)، فلا يليق أن يُشَوَّه هذا المجد بتسريحات أو ألوان أو أشكال بعيدة عن الذوق المسيحي.
وكذلك بالنسبة للرجل أيضًا أشار الرب عدة مرات إلى مظهر شعره، فكان ممنوعًا لرجال الله أن يجعلوا قَرعة في رؤوسهم (لاويين21: 5)، ولا يغطي الرجل شعر رأسه وهو يصلي (1كورنثوس11: 7)، ولا يُرخي شعره؛ أي يُطيله (1كورنثوس11: 14).
فلهذه الأسباب يجب أن ننتقي مظهر الشعر الذي يمجِّد الله، لا كما يفعل نجوم السينما أو نجوم الملاعب، بل كما يليق بمنظر ومظهر أبناء الله!
4. الرزانة في التصرفات: يقول الكتاب المقدس عن من يخدم الرب أنه يجب أن يكون «صاحيًا عاقلاً مُحتشمًا» (1تيموثاوس3: 2). «صاحيًا عاقلاً» أي ليس بمُستهتر أو طائش؛ إنه رزين وجاد، ومُميِّز وحكيم. و«محتشمًا» تترجم “of good behavior”؛ أي يسلك حسنًا مُدقِّقًا. هل أنا وأنت هكذا؟!
ثالثًا: عدم الحشمة وأخطارها
واحد من أساليب الشيطان الفتَّاكة في إغواء الإنسان هو استخدام مناظر الأجساد شبه العارية، فيوقع اثنين في خطية واحدة: من يتجرد من الحياء شبه عارٍ، والآخر الذي ينظر بعينيه ليشتهي.
1. العثرة: قيل عن بلعام العراف: «يُلقي معثرة أمام بني إسرائيل»، وذلك بجعلهم يختلطون بالزانيات (رؤيا2: 14). والمرأة التى زنى داود معها كان بسبب سلوكها الخالي من الاحتشام (2صموئيل12). طبعًا هذا ليس عُذرًا لدواد وقد نال جزاءه من الله، ولكن «ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة» (متى 18: 6).
2. فقدان التميُّز: من السمات التي تميز أولاد الله الذين هم «خليقة جديدة»، مظهرهم وسلوكهم التَقَوِي: «بهذا أولاد الله ظاهرون» (1يوحنا3). وابتعادهم عن مظهر الحشمة يُفقدهم هذا الامتياز.
3. قدوة سيئة للآخرين: السلوك بالابتذال وعدم الحشمة يشجِّع الصغار والضعفاء أن يقلدوا السلوك ذاته، كما قال عالي الكاهن لأولاده الذين فقدوا كل حشمة واحتشام: «تجعلون شعب الرب يتعدون» (1صموئيل2: 24).
4. الخداع بالإعجاب الكاذب: بالتأكيد سيكون هناك الكثير ممن يُعجَبون بعدم الحشمة! لكنهم من الأشرار والعالميين، ويظن الشخص أنه على صواب طالما مدحه الآخرون. ولا عجب؛ فإن أخآب الشرير حاز على إعجاب أربعمئة نبي كاذب! والطيور على أشكالها تقع!
رابعًا: الحشمة وروعتها
1. هى انعكاس خارجي لتقوى داخلية: يمتدح الرب زينة وحشمة المؤمن الحقيقي التي هي أفضل من الزينة الجسدية التي تفسد وتزول فيقول عنها: «إنسان القلب الخفي في العديمة الفساد زينة الروح الوديع الهادئ» (1بطرس3: 4).
2. لها تقدير خاص من الرب: «زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدام الله كثير الثمن» (1بطرس3: 4).
3. تُعطي صاحبها جمالاً وهيبة لا يعرفها العالم: في سفر نشيد الأنشاد يصف الرب المؤمن الحقيقي بأنه «جنة مغلقة، عين مُقفَلة، ينبوع مختوم» (نشيد4: 12). المؤمن مُغلَق من ناحية نجاسات العالم. وعن جمال هذا المؤمن يقول الرب: «من هي المُشرفة مثل الصباح، جميلة كالقمر، طاهرة كالشمس، مُرهِبة كجيش بألوية» (نشيد6: 10).
أحبائي، يا من أنتم مشابهين صورة ابن الله:
لا ننسَ ما عمله المسيح ليخصِّصنا له: «بذل نفسه لأجلنا لكي يفدينا من كل إثم ويطهر لنفسه شعبًا خاصًّا غيورًا في أعمال حسنة» (تيطس2: 14).
دعونا نمجِّد الله أبانا بحياتنا القلبية التَقَوية، وبمظهرنا وملابسنا وتسريحة شعرنا وطريقة كلامنا! لذلك:
1. اسأل نفسك: هل الملابس التي أرتديها ومظهري ستمجِّد الله أم ستثير فقط إعجاب الناس وتلفت الأنظار؟ «لكي يتمجد الله في كل شيء بيسوع المسيح» (1بطرس4: 11). وقال بولس عن نفسه: «فكانوا يمجدون الله فيَّ» (غلاطية1: 24).
2. ارفض وبشدة التشَبُّه بالعالم ونجوم السينما كما تقول كلمة الله: «ولا تشاكلوا هذا الدهر» (رومية12: 2)، ولا تنسَ أنك سفير السماء وممثِّل للرب يسوع المسيح شخصيًّا!
3. امتلئ بالروح القدس، فلا تسلك بشهوة الجسد، بل دع فيض وثمر الروح القدس تظهر فيك، والتي واحدة منها هى: «التعفف»؛ أي ضبط النفس، أو بلغة حديثنا: الحشمة والاحتشام. هذه واحدة من أروع الفضائل المسيحية!